استيقظ الأطفال في بلدة كريسكفيل بولاية بنسلفانيا على عطلة غير متوقعة بسبب تراكم الثلوج في السادس من مارس عام 1989. هذا اليوم الذي بدأ بريئًا، انتهى بمأساة صادمة: مقتل الطفلة جيسيكا كار، 7 سنوات، على يد جارها كاميرون كوتشر، 9 سنوات، برصاصة في الظهر.
“أنا أفضل منك”… استفزاز بريء ينتهي بمأساة
في منزل عائلة راتّي، حيث اعتاد أطفال الحي اللعب، اجتمع عدد من الأطفال في ذلك الصباح، من بينهم جيسيكا وكاميرون. وبينما كانوا يلعبون لعبة “Spy Hunter” الإلكترونية، تباهت جيسيكا أمام كاميرون بامتلاكها نسخة خاصة بها في المنزل، قائلة: “الآن أستطيع التقدم أكثر منك… لقد هزمت التنين”.
لاحقًا، وبعد أن انتهى اللعب داخل المنزل، خرج الأطفال لركوب دراجات الثلج. لكن كاميرون انسحب غاضبًا إلى منزله، متأثرًا بالموقف.
:max_bytes(150000):strip_icc():focal(349x0:351x2):format(webp)/jessica-carr-murder-1-052125-6d5a8af4d13442e1886096e788a9b521.jpg)
من نافذة المنزل… صوب وأطلق النار
عاد كاميرون إلى منزله المجاور، أخذ مفتاح خزانة الأسلحة الذي كان مخفيًا في قاعدة مصباح، واستخرج بندقية صيد مزودة بمنظار. ثم صعد إلى الطابق الثاني، وفتح نافذة غرفة النوم، وصوّب البندقية نحو جيسيكا، التي كانت تجلس خلف أحد الأطفال على دراجة ثلجية تمر في الحقل القريب. ضغط الزناد. الرصاصة اخترقت ظهر جيسيكا، وأصابت عمودها الفقري ورئتها اليمنى، لتسقط جثة هامدة.
وبعد الجريمة، أعاد كاميرون البندقية إلى مكانها، ثم عاد ليلعب مجددًا مع الأطفال، وقال ببرود لمن كانوا يبكون قرب جسد جيسيكا: “إذا لم تفكروا في الأمر، فلن تشعروا بالسوء”.

أقوال متضاربة واعتراف غير كافٍ
عند استجوابه، ادعى كاميرون أن الرصاصة خرجت عن طريق الخطأ أثناء تفحصه للمنظار. لكن الشرطة وجدت دماً على البندقية، بالإضافة إلى جرح على حاجبه يرجّح أنه نتيجة ارتداد السلاح عند إطلاقه، ما ينفي عفوية الجريمة.
بعد يومين فقط من الحادث، وجّهت إلى كاميرون تهمة القتل العمد، وأُفرج عنه بكفالة إلى حين المحاكمة.
قاضٍ يصف الجريمة بـ”المتعمدة”… وطفولة لا تعفي من المسؤولية
وصف القاضي رونالد فيكان الحادث بأنه “قتل متعمد”، مضيفًا:
“نحن نربط القتل عادة بالكبار، لكن جرائم الأطفال في ازدياد مقلق. المجتمع ونظام العدالة غير مستعدين فعليًا للتعامل مع هذا النوع من الجرائم”.
تقرؤون أيضا : قتل زوجته بوحشية وأهدى حبيبته قاربًا و سيارة فاخرة: العدالة تلحق بجاك بوتر بعد 20 عامًا من الجريمة
الحكم : عادل أم غير عادل ؟
رغم المطالبة بمحاكمته كبالغ، تم لاحقًا تخفيف التهم بعد ثلاث سنوات من الإجراءات القانونية، إذ أقر كاميرون بذنب “القتل غير العمد” ضمن صفقة قضائية، حكم بموجبها بإيداعه في مركز تأهيل للقصّر حتى يبلغ 21 عامًا.
والدة الضحية: “لم يكن حادثًا”
عقّبت والدة جيسيكا على الحكم قائلة:
“القتل غير العمد يعني أنه حادث… لكنه لم يكن كذلك”.
هذا التصريح المؤلم لخص شعور أسرة الضحية، التي شعرت أن العدالة لم تُنصف طفلتها، رغم اعتراف الجاني بجريمته.
دروس قاسية من جريمة مبكرة
قضية جيسيكا كار لم تكن مجرد مأساة عائلية، بل صدمة وطنية. فتحت النقاش حول مسؤولية الأطفال الجنائية، وسهولة وصولهم إلى الأسلحة، وغياب آليات فعالة لرصد انفعالات الطفولة والتعامل معها قبل أن تتحول إلى عنف قاتل.
اليوم، بعد مرور أكثر من ثلاثة عقود، لا تزال هذه الجريمة تثير تساؤلات حول حدود البراءة، وأين يجب أن تبدأ المحاسبة حين يكون القاتل… مجرد طفل.