احتضنت مدينة فاس أحد أبرز العروض الفنية التي ميزت الموسم، حيث أحيا المؤلف الموسيقي وقائد الأوركسترا المغربي أمين بودشار المعروف فنياً بـ”بودشارت” حفلاً استثنائياً ضمن مشروعه الفريد “أنتم الكورال”، الذي نجح في قلب معادلة العروض الفنية وجعل الجمهور بطلاً أساسياً على خشبة المسرح.
الجمهور يغني… والمايسترو يقود
لم يكن هذا الحفل كغيره من الحفلات التقليدية. فالمغني لم يكن فرداً على الخشبة، بل جمهوراً كاملاً تدرّب مسبقاً على أداء أشهر الأغاني الشرقية والمغربية. من الطرب الأصيل إلى الأغنية المعاصرة.
قبل موعد الحفل، توصل كل مشارك بكلمات الأغاني المبرمجة، ما أتاح له التعرف عليها مسبقاً. والاستعداد لتجربة غنائية جماعية يقودها بودشارت بحرفية ودفء، عززتهما موسيقى حية تعزفها فرقته المتناغمة.
تقرؤون أيضا : “أسبوع الموسيقى للدار البيضاء” ينطلق في دورته الأولى: تجربة فنية وثقافية تحتفي بصيف 2025
أجواء حماسية وتفاعل غير مسبوق
منذ اللحظات الأولى،بدا واضحاً أن فاس على موعد مع عرض فني فريد،إذ تجاوب الجمهور بانسجام لافت، وردد الأغاني بصوت واحد. رافعاً بذلك منسوب الطاقة في القاعة. كانت الأجواء أقرب إلى لقاء عائلي موسيقي، حيث تلاشت الحدود بين الفنان وجمهوره، وتحول المسرح إلى ساحة مشاركة وجدانية.
بودشارت… من شغف الطفولة إلى ريادة المشهد
أمين بودشار هو مثال للفنان العصامي الذي صقل موهبته بإصرار. بدأ شغفه بالموسيقى منذ الصغر، واستمر في تطوير مهاراته بالتوازي مع دراسته في مجال الهندسة.
تخرّج من المعهد الموسيقي في فرنسا سنة 2020، ومنذ ذلك الحين، سطع نجمه كقائد أوركسترا وملحن متميز، واستطاع أن يشق لنفسه مساراً خاصاً، يعرّف فيه الجمهور العربي على شكل جديد من الحفلات يقوم على التفاعل والمشاركة الجماعية.
“أنتم الكورال” تتخطى الحدود
مشروع “أنتم الكورال” لم يتوقف عند حدود المغرب، بل حطّ رحاله في عدد من العواصم العالمية، من كندا وفرنسا وبلجيكا إلى مصر والسعودية وقطر والإمارات، جامعاً الجاليات المغربية والعربية حول أغانيهم المحبوبة.
وكانت محطة الدار البيضاء واحدة من أنجح هذه التجارب، حيث شارك أكثر من 6000 شخص في أمسية غنائية خلدت بمقطع “جانا الهوى” الذي انتشر كالنار في الهشيم على مواقع التواصل الاجتماعي، واحتل الترند لأسابيع.
فاس تصغي… وتغني
حفل فاس لم يكن مجرد أمسية فنية، بل تجربة وجدانية وحميمية أعادت تعريف العلاقة بين الفنان والجمهور، وجعلت من الغناء الجماعي لحظة احتفال بالهوية الموسيقية المشتركة.
بهذا الحفل، يواصل أمين بودشار مشروعه الذي يحظى بصدى واسع، ويؤكد أن الفن حين يخرج من القلب ويعود إلى القلب، يكون أكثر من عرض… يكون تجربة.