من القضايا التي أثيرت في الآونة الأخيرة، فتكلم فيها البعض وسكت البعض الآخر، قضية مساواة المرأة للرجل في الإرث، حتى قيل إنها نوع من الحيف والظلم في حق المرأة
على اعتبار الآية (13 من سورة النساء) تصرح بذلك، حين قال الله عز وجل “يوصيكم الله في أولادكم، للذكر مثل حظ الأنثيين”، فأزبد من أزبد، وأرعد من أرعد، وشتا من شتا، والحال أن الأمر لا يستلزم ذلك، لأن المسألة كلها تتصل بنص ديني إسلامي؛ والنصوص في الإسلام عند رجال ونساء علم أصول الفقه نوعان: نصوص قطعية ونصوص ظنية من حيث الثبوت والدلالة.
النصوص القطعية الثبوت والدلالة: هي النصوص التي نجزم ونقطع على أنها ثابتة من عند الله، وهو الذي أرادنا أن نحملها على محمل واحد، وأن نفهمها على لون واحد، وأن نستدل بها على دلالة واحدة، ولاتقبل إلا معنى واحدا.
أما النصوص الظنية فهي التي تحتمل أكثر من وجه، وتتسع لأكثر من معنى. وقد جعل الله قضية الإرث وما يتصل بها في النصوص القطعية الثبوت والدلالة، وهي بهذا غير قابلة للمزايدات الفكرية أو السياسية أو غيرها، لأن أمرها سماوي محسوم، ولا يقبل إلا أن نتعبد به الله تطبيقا وتدينا.
فللذين يتساءلون :
- لماذا لاتساوي المرأة الرجل في الإرث؟
- ولماذا يرث الرجل ضعف المرأة؟
نجيبهم إن نصيب المرأة هنا، ما هو إلا مثال واحد، في حالة واحدة للمرأة من أصل (24) مسألة في الإرث، وهذه الحالة شرعها الله عز وجل، للتوازن بين حقها في الميراث والنفقة.
وبتدريسي لمادة الفرائض والإرث، وتتبعي لحالات المرأة في الإرث، وجدت أن المرأة ترث في بعض الحالات ويمنع الرجال من الإرث ويحرمون.
وفي أكثر من عشر حالات (10) ترث المرأة أكثر من الرجل. وفي ثمان حالات (8) تتساوى المرأة مع الرجل في الإرث. وفي أربع حالات ترث المرأة نصف ما يرثه الرجل. فهذه حكمة الله وشريعته.
فأين الخلل والظلم بعد هذا التنوع الذي وضعه الله تعالى، وجعله منهجا تشريعيا لمن أراد أن يتعبده ويدين بدين الإسلام؟ أم إأن الأمر سينعكس بعد قراءتنا لهذا الموضوع، وسنسمع المطالبة بمساواة الرجل للمرأة في الإرث، رغبة في دمقرطة حياة الرجل والمرأة؟ أم إننا سنسلم الأمر لرب الأمر، الذي لاتعلل أحكامه.